إن من أهم لوازم تحقيق العدالة في الأحكام القضائيـة: إحالة مسائل النزاع التي تخفى قواعدها على القاضي إلى خبير مختص في ذات شأنها؛ ليبدي رأيه المفصل، لتقضي على ضوئه المحكمة بعد استيضاح ما خفي عليها منه، وهو ما يسمى نظامًا بالمسائل (الفنية)، فسنت القواعد المنظمة لندب الخبرة في تلك المسائل الجوهرية، إذ لا يعني الأمر تفويض الخبير بالبت في القضية كليةً، بل عليه أن يلتزم بنطاق المهمة التي نُدب لأجلها فحسب.
هذه الورقات استعراض لبعض الضوابط الشرعية والنظامية التي استنتج المؤلف أفكارها بعد استخلاص عمومها من نظام الإثبات وأدلته الإجرائية، كذلك ما قررته القواعد الخاصة بتنظيم شؤون الخبرة أمام المحاكم، وبعـد اطلاع على جمـلة من الأحكام القضائية المؤيدة من الاستئناف والتي آلت إلى ندب الخبراء، ومن ثم أعملت المحكمة رقابتها على نتائج تلك التقارير، وبعد اطلاع على أحكام محاكم النقض العربية، وما قررته من القواعد بخصوص الخبرة والخبراء، مستفيداً كذلك من كتب شراح القانون.